قراءة ناقدة – تعليمات الأشراف على عقد اجتماع الهيئة العامة للشركات المساهمة العامة

تعليمات الاشراف على عقد اجتماع الهيئة العامة للشركة المساهمة العامةأصدرت مؤخراً دائرة مراقبة الشركات في وزارة الصناعة والتجارة، تعليمات للإشراف على تنفيذ الإجراءات الخاصة بعقد اجتماعات الهيئة العامة للشركات المساهمة العامة؛ حيث صدرت تلك التعليمات في عدد الجريدة الرسمية رقم: (6489) بتاريخ: 1/11/2017، وبحيث يعمل بهذه التعليمات للإشراف على عقد اجتماعات الهيئة العامة للشركات المساهمة العامة بعد ستين يوما من تاريخ النشر بالجريدة الرسمية وبما يتوافق وأحكام المادة 180/أ من قانون الشركات رقم (22) لسنة 1997 وتعديلاته والتي تنص: “يتولى المراقب أو من ينتدبه خطيا من موظفي الدائرة العامة للشركة المساهمة العامة وفقاً للتعليمات التي يصدرها الوزير لهذه الغاية”.

وفي هذا الصدد، وعلى ضوء الاطلاع على هذه التعليمات ودراسة بعض جوانبها، فإنني أجد أنها ورغم ما تشكله من جهد جيد، إلا أنها –ومع الاحترام- تتعارض وتتقاطع مع نصوص القانون وابين ذلك وفق التالي:

  1. ورد في المادة (2) من التعليمات تعريف لمفهوم التصويت النسبي، وإن هذا التعريف في غير محله من الناحية التشريعية؛ إذ أن هذا المفهوم معرف بشكل واضح ومتكامل ضمن أحكام المادة (132/أ) من قانون الشركات. وبالمفهوم التشريعي فقد كان من الأجدى الإشارة إلى التعريف الأصلي في القانون. ومن جهة أخرى وان كان لا بد من إيجاد التعريف بوصفه مفهوماً مستجداً لغايات التأكيد عليه، فقد كان يجب أن يشار في نهاية التعريف إلى عبارة مشابهة لعبارة: “وبما لا يتعارض وأحكام المادة (132/أ) من قانون الشركات”.

  2. ورد في المادة (3/ب) من التعليمات، إعطاء صلاحيات للمراقب أو مندوبه بالتأكد من أن المواضيع المدرجة ضمن جدول الأعمال المرفق بدعوة الاجتماع موافقة للقانون إلا فيكون له صلاحية حصرها، كما تضمنت ذات المادة صلاحية المراقب أو مندوبه بالسماح بمناقشة أي موضوع في اجتماع الهيئة العامة للشركة المساهمة العامة شريطة موافقة (10%) من المساهمين الحاضرين على طرح. وفي ذلك نجد تعارضاً مع المادة (182) من قانون الشركات؛ حيث أن الدعوة للاجتماع وجدول الأعمال وجميع البيانات والمرفقات ترسل إلى المراقب قبل (15) يوم من موعد الاجتماع –وكان من الأجدى تعديل المدة لتصبح (21) يوم لتتواءم مع تعديلات القانون الأخيرة-، فكيف يكون للمراقب ومندوبه بعد أن تلقيا الدعوة أن يحضروا يوم الاجتماع ويقوموا بالتعديل على جدول الأعمال؟ ذلك رغم أن العلة في إرسال هذه البيانات للمراقب تتمثل بأن يقوم بدراستها قبل وقت كافٍ واتخاذ أي قرار حيالها قبل انعقاد الاجتماع إضافة إلى توجه المشرع بإحاطة المراقب بموضوع الاجتماع قبل انعقاده ولكي لا يكون له أي دور مؤثر أثناء انعقاد الاجتماع ذاته وبما من شانه تغيير سلوك و/أو توجهات تصويت المساهمين.وبدوري أرى أن هذا التعديل، اخرج دائرة مراقبة الشركات من دورها الرقابي، وجعل منها نقطة سيادة على الهيئة العامة للشركة رغم أن تلك الأخيرة هي صاحبة الولاية!

  3. أما المادة (3/ج) والتي تدخلت في صلاحيات الهيئة العامة غير العادية، قد خالفت بصورة صريحة نص المادة (176) من قانون الشركات التي نصت على: “يجوز أن تبحث الهيئة العامة للشركة المساهمة العامة في اجتماعها غير العادي الامور الداخلة ضمن صلاحياتها في الاجتماع العادي وتصدر قراراتها في هذه الحالة بالاغلبية المطلقة للأسهم الممثلة في الاجتماع”. وقد كان من الواجب –حال كان هنالك توجه حكومي و/أو تشريعي نحو قصر صلاحيات الهيئة العامة غير العادية على النحو الذي جاءت به التعليمات- القيام بتعديل النص الأصلي في قانون الشركات (المادة 176) ابتداءً، بالأخص أن آخر تعديل لقانون الشركات كان بتاريخ: 16/8/2017.
    وما تقدم من تضارب من شانه أن يؤكد و/أو أن يزيد من ما بتداوله المستثمر في الأردن من أحاديث حول طغيان التعليمات والأوامر الادارية على نصوص القانون!

  4. لم توفق المادة (3/ه) من التعليمات والتي ألزمت المراقب أو مندوبه بالتحقق من الوكالات الصادرة عن المساهمين في مبتغاها؛ حيث تم وضع حِمل كبير على المراقب أو مندوبه من خلال التحقق من صحة قسائم التوكيل او الوكالات العدلية أو اتفاقية الحافظ الأمين. وفي هذه المادة من التعليمات مخالفة للقاعدة المُستقرة القائلة بصحة أوراق التبليغ إلى حين إثبات المتضرر لخلاف ذلك؛ حيث يحق للمتضرر في حينها اللجوء إلى القضاء عبر الطرق القانونية التي رسمها القانون. وإن النص المتقدم يعيق المبدأ الأساسي في الاستثمار القائم على فكرة الثقة والسرعة، ناهيك عن أن مراقب الشركات أو مندوبه لا يملك الصلاحية القانونية أو الأدوات الرقابية/القانونية/الفنية الكافية للتحقق و/أو التحقيق في صحة وسلامة التوكيلات.

  5. لم تراعِ المادة (3/و) من التعليمات أو تواكب التقدم الحاصل لدى الشركات؛ حيث أن معظم اجتماعات الهيئات العامة للشركات المساهمة العامة باتت تستخدم فيها الوسائل التقنية الحديثة ومن ذلك القيام بجمع وإحصاء الحضور ونسب حضورهم من خلال الماسح الضوئي (الباركود)، وكان من الأولى على التعليمات إضفاء الصفة القانونية على هذه الطريقة وتأكيدها بالأخص أن الواقع العملي يأخذ بها لدى دائرة مراقبة الشركات. وذلك دون المساس بالكشف الورقي للحاضرين أصالة ووكالة.

  6. المادة (5) من التعليمات، تضمنت إيضاحاً لما هو منظم باحكام المواد (176،179،180،181) من قانون الشركات. ولابد لنا من التأكيد هنا إلى أن قرارات الهيئة العامة تخضع لاحكام المادة (183) من قانون الشركات.

  7. المادة (8) من التعليمات تضمنت آلية وكيفية التصويت في الاجتماع، وهنا نعاود الإشارة إلى ما اشرنا إليه في النقطة رقم (1) من حديثنا المتقدم؛ حيث كان يجب أن يتم الإشارة إلى المادة (132) من قانون الشركات والإشارة إلى عدم تجاوزها بغية عدم التطبيق غير المتزن لنصوص التعليمات.

  8. المادة (10) من التعليمات، ونجد أنها تتناقض وأحكام المادة (171/أ) من قانون الشركات حيث ان جدول الاعمال ورد بترتيب قانوني محدد، وإن هذا النص يأتي بمثابة تعديل للنص الأصلي ويؤدي إلى الطغيان على إرادة الهيئة العامة في الشركة.

  9. المادة (12) من التعليمات والتي وضعت صلاحيات جديدة نسبياً لمراقب الشركات أو مندوبه من حيث التدخل في نطاق سير الاجتماع وصلاحية إرجاء البت في أي من الظروف الشكلية المصاحبة لانعقاده. وفي ذلك تغول واضح على نص المادة (183) من قانون الشركات؛ إذ أن الاجتماعات متى ما انعقدت وصدرت بها قرارات بأنصبة قانونية صحيحة (حضوراً أو تصويتاً) فإن القرار يعتبر قد اتخذ بصورة صحيحة –ما دام من حيث أصله موائماً للقانون- وتبقى صلاحية الاعتراض على الاجتماع أو قانونيته أو انعقاده بيد القضاء ووفقاً لأحكام القانون.

  10. المادة (13) من التعليمات وهي الأخطر، والتي تعطي للمراقب أو مندوبه صلاحية إعلان عدم قانونية الاجتماع إذا لم تتمكن الهيئة العامة من الاستمرار به لأي سبب!! وفي رأينا فإن في ذلك سبقاً خطيراً من شانه أن يعطي سلطة غير مقيدة للمراقب أو مندوبه لا سيما أن قانون الشركات حدد شروط واضحة لابطال الاجتماع وهي عدم اكتمال النصاب القانوني او عدم حضور مراقب الشركات او من ينتدبه. وفي حال عدم إعلان قانونية الاجتماع من قبل المراقب والمضي به رغم تحقق شروط المادة، ومن ثم وبعد اتخاذ قرار معين يقوم المراقب بإعلان عدم قانونية الاجتماع، فما هو مصير المرحلة السابقة؟ أيضاً ما هو معيار عدم تمكن الهيئة العامة من الاستمرارية في انعقاد الاجتماع؟ وهل الأمر رهين باجتهاد المراقب أو حالته النفسية خلال الاجتماع وفهمه وإدراكه للأمور والذي قد يختلف من شخص لآخر؟ أيضاً، ماذا لو كان الاجتماع يدور مثلاً حول قرار بإعادة هيكلة رأس مال الشركة ككل متكامل وتم اتخاذ الشق الأول من القرار قبل إتمام الشق الثاني؟؟ فكيف يتم علاج هذه الحالة؟ أيضا، هل يمثل الإبطال في هذه الحالة إلغاءً للاجتماع كأن لم يكن؟ أم انه يعتبر مؤجلاً ولمتى؟
    وبرأي، فإنني أرى أن دائرة مراقبة الشركات قد جانبت الصواب تماماً في هذا النص. وكان لابد –حال وجود هدف تشريعي منه- أن يحاط بمزيد من الضمانات غير المخلة بكيفية سير الأمور.

  11. المادة (14) من التعليمات والتي تلزم المراقب بالتحقق من استمرارية وجود النصاب أثناء انعقاد الاجتماع، وفي هذا نجد مخالفة كبيرة لأحكام القانون، وإن هذه المادة لغايات سريانها وتطبيقها لابد أن يتم مصاحبتها بتعديل لنصوص القانون بالأخص فيما يتعلق بالاجتماع المؤجل الذي قد يعقد بمن حضر!
    وفي الجانب العملي، ما هي آلية احتساب النصاب اثناء الجلسة؟ ومن يستطيع عمل ذلك؟ لا سيما ربما يكون في القاعة اكثر من مئة مساهم بالاضافة الى موظفي الشركة والصحافة؟ ولماذا حماية من هو مقصر؟ أليس المقصر أولى بالخسارة بالأخص انه تبلغ دعوة الاجتماع حسب الأصول؟ من جهة أخرى، فلم يراعِ هذا النص، إمكانية استخدامه بصورة سلبية من قبل بعض المساهمين لغايات ابتزاز بقية الهيئة العامة أو مجلس الإدارة بغية الحصول على امتيازات أو ضمان التصويت على قرار محدد.

 

مما تقدم، حاولت إلقاء قراءة ناقدة على تعليمات الإشراف على عقد اجتماع الهيئة العامة للشركة المساهمة العامة، ورأيت أن هذه التعليمات –في بعض أحكامها- قد خالفت و/أو ذهلت عن بعض أحكام قانون الشركات نصاً وروحاً. إضافة إلى أنها لا تؤدي إلى حماية أقلية المساهمين أبداً، إنما هي اجتهادات وضعت من باب التحوط الزائد الذي قد يؤدي إلى إرهاق الاستثمار بدلاً من إنعاشه، ولا تحترم قواعد التسلسل التشريعي.

 

والرسالة في هذا المقام بعد الشكر لدائرة مراقبة الشركات والقائمين عليها وعلى جهودهم الرامية لتطوير منظومة تشريعات الاستثمار في المملكة وتحقيق القدر الأوفى من الرقابة، هو أن نرتكن لنصوص القانون السارية، بالأخص أن حماية حقوق أقلية المساهمين قد كفلها القانون؛ من حيث حضوره وحقه في المناقشة وسماع الاجابة من المجلس ومدقق الحسابات وبحماية القانون وتحت إشراف مراقب الشركات او مندوبه، كما ان المواد (273، 275، 276) كفلت حق المساهمين في طلب اجراء تدقيق على اعمال الشركة.

للمزيد، وللاطلاع على تعليمات الإشراف على عقد اجتماع الهيئة العامة للشركات المساهمة العامة لعام 2017، يمكنك النقر هنا: (تعليمات الإشراف على عقد اجتماع الهيئة العامة للشركات المساهمة العامة).


ضع تعليقك

جميع الحقوق محفوظة ل : مدونة المحامي محمد عماوي القانونية . © 2024