
مبدأ العدالة الكاملة – Substantive Fairness
في الوقت الذي توقف به الفقه القانوني العربي عند حدود الغبن الفاحش المقترن بالتغرير منذ مئات السنين. كان القضاء المشرع في دول القانون العام يطور من نفسه بما يتوائم والظروف الحياتية والاقتصادية؛ حيث وجد القضاء نفسه في ولاية ديلاوير Delaware امام مفترق طرق لحماية اقلية المساهمين ممن تعرضت حقوقهم للمساس رغم عدم وجود اساءة واضحه لاستعمال السلطة او غش او معاملات لاطراف ذات علاقة، لا بل ان القرارات المعترض عليها كانت قد أقرت من الجمعية العامة للمساهمين (الهيئة العامة) بصورة قانونية لا تحتمل الابطال!
ورغم ذلك، فقد وجد القضاء ان تطبيق العدالة الكاملة يقتضي ابطال التصرف رغم موافقة اغلبية المساهمين عليه، فيما عرف من ثم بمبدأ العدالة الكاملة Entire Fairness أو كما يسميها بعض الفقه Substantive Fairness (العدالة الجوهرية).
هذا المبدأ القضائي الذي اقرته ولاية ديلاوير الامريكية ابتداءً وجعل منها موطنا لحماية اقلية المساهمين، كان العامل الاكثر حسماً في قضية التعويضات والمكافات الادارية الوظيفية ضد أيلون ماسك والتي اثارت زوبعة اعلامية في العام الماضي (2024).
ورغم ذلك، فإن ذات المحكمة ومنذ اقرار هذا المبدأ في العام 1982 من قبل المحكمة العليا في ديلاوير في القضية المشهورة باسم (Weinberger v. UOP, Inc)، لم تلجأ لتطبيق هذا المبدأ بسهولة حماية بذلك لعموم الاستثمارات؛ حيث تحققت ابتداء من توافر معيارين اساسيين هما: عدالة الاجراءات (Fair Dealing) وعدالة التسعير (Fair Pricing).
وفيما يلي اقتباس مما عالجته المحكمة ضمن قرارها في قضية ايلون ماسك المعروفة Tornetta v. Musk:
“The concept of fairness has two basic aspects: fair dealing and fair price. The former embraces questions of when the transaction was timed, how it was initiated, structured, negotiated, disclosed to the directors, and how the approvals of the directors and the stockholders were obtained. The latter aspect of fairness relates to the economic and financial considerations of the proposed merger, including all relevant factors: assets, market value, earnings, future prospects, and any other elements that affect the intrinsic or inherent value of a company’s stock. However, the test for fairness is not a bifurcated one as between fair dealing and price. All aspects of the issue must be examined as a whole since the question is one of entire fairness.”
الشاهد ان هذا القرار خلق موجة استياء عند كبار المستثمرين مما دفع بعضهم للخروج من الولاية نحو ولايات اكثر استقراراً فيما عرف لاحقاً بموجبة DExit، وقد كان من ضمن هذه الشركات Meta و وتسلا ومجموعة ترامب. وهنا تنبه المشرع في الولاية الى هذا الاثر السلبي ليتم من ثم تعديل قانون الشركات في الولاية في شهر اذار من العام 2025 وتطوى صفحة العدالة الكاملة عبر التشديد على التطبيقات الخاصة بها.
ترى كم نحتاج من الوقت لنقنع المشرع لدينا باعادة الألق الى منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة؟ اليس الأولى اعادة توجيه فائض الكهرباء لمصانعنا؟