هل حسن النية مفترض في العقود؟ لمبدأ Sandbagging رأي مختلف

حسن النية في العقود - Sandbagging

حسن النية في العقود – Sandbagging

هل حسن النية مفترض في العقود؟ لدول الأنجلوسكسون رأي مختلف .. مبدأ Sandbagging مثالاً

طالب كلية الحقوق في عامه الأول، وفي مادة مصادر الالتزام، يدرس المبدأ المستقر بأن الالتزامات التعاقدية تنفذ بحسن نية (المادة 202 من القانون المدني الأردني)، وهو مبدأ لطالما بدا بديهاً.

لكن الحقيقة أن هذه البداهة تتلاشى شيئاً فشيئاً عند التعامل مع عقود تحكمها أنظمة قانونية أخرى، خصوصاً تلك التي تنتمي للنظام الأنجلوسكسوني.

وقد استحضرت هذا الفرق خلال عملي على إعادة تدقيق احد العقود التي أوكل إليّ العمل عليها. وحين وصلت إلى قسم التعهدات والضمانات (Representations & Warranties) الذي أحرص دوماً على تمحيصه، وجدت أن اطلع عليه من نصوص يختلف عن ما علمته من معلومات سابقه في حديثي مع الموكل.

وبينما كنت أتأمل هذه الفوارق (على طريقه التصوف القانوني الذي يمارسه الأستاذ مصعب القطاونة)، عادت بي الذاكرة إلى بحث رسالة الماجستير التي عملت عليها سابقاً حول أثر تفاقم المسؤولية العقدية في تقدير التعويض.

ولم يكن ذلك التأمل بلا نتيجة؛ إذ أن النظام القانوني الذي يحكم ذلك العقد يأخذ بمفهوم Pro-Sandbagging؛ وهو أداة قانونية ذكية، يُصار من خلالها إلى حماية المشتري وتمكينه من الرجوع على البائع رغم علمه المسبق (أو حتى شكه) بوجود خلل أو مخالفة في التصريحات أو الضمانات المقدمة في العقد.

غاية هذا المبدأ ليست اللعب على عنصر المفاجأة، بل في إغلاق الباب أمام البائع لإثارة أي دفع قانوني لاحق يتعلق بعلم المشتري بالمخالفة أو العيب.

وعلى نقيض هذا المبدأ (الامبريالي) يقف المشرع الأردني موقفاً ارتباطاً بالمبادئ الانسانية؛ إذ تنص المادة (512) مدني على سقوط ضمان العيب الخفي إذا علم المشتري بالعيب قبل البيع ورضي به. أما في النظام الأنجلوسكسوني، فالأمر مختلف تماماً؛ فحتى لو علم المشتري بالعيب أو شك فيه، فإنه يحتفظ بحقه في الرجوع طالما لم يتضمن العقد شرطاً صريحاً Anti-Sandbagging  يحظر عليه ذلك.

الخلاصة في مثل هذه العقود: لا يكفي أن تكون حسن النية، بل يجب أن تكون واضحاً، ففي بيئة هذه الأنظمة القانونية:  الثقة لا تُفترض… بل تُكتب.

 


ضع تعليقك

جميع الحقوق محفوظة ل : مدونة المحامي محمد عماوي القانونية . © 2025